يعشق المحبون الشعر المغناة بألحان عبد الهادي بلخياط، الذي يأسرهم بقصائده الشاعرية الفريدة مثل "القمر الأحمر" و "الشاطئ". ينغمس عشاق الشعر المغربي في كلماته التي تعبر عن العشق والحنين للذات والآخر في قصائده الرائعة مثل "قطار الحياة" و "الصنارة" و "ما تاقش بيا". يغرقون في مشاعره العميقة والمؤثرة التي ينقلها بلخياط بصوته المغري والمميز.

يشاركنا ملحن الأغنية أحمد العلوي قصة خلق هذا العمل الفني الرائع الذي يبلغ من العمر الآن 23 عامًا. تجسدت فكرة الأغنية في مدينة "بوعرفة"، حيث تجسدت تجربة مميزة مع الممثل محمد الجم. ومن بين اللحظات التي ألهمت إبداع الأغنية، كانت لقاءً مع سيدة ساحرة أثارت انتباههم، مما دفعه ليصدح بعبارة "على زين فيه" التي ألهمتها له أعضاء الجوق الوطني. هكذا بدأت رحلة الإبداع التي جعلتهم يجلسون أمام الطيب لعلج ويروون له القصة، وهكذا بدأت الأغنية بكلمات تنبض بالحياة والعاطفة.

في عام 1986، وقد كنا في مدينة بوعرفة في إطار سهرات الأقاليم، حيث كنت مقررًا أن أشارك مع لطيفة رأفت في أغنية "يا دنيا كنا حباب". كانت هذه السهرة تحمل أهدافًا سياسية موجهة نحو الجزائر، وأذكر تمامًا أن درجة الحرارة وصلت إلى 7 درجات تحت الصفر. ومع ذلك، اجتمع العديد من الفنانين مثل عبد الرفيق الشنقيطي والطيب لعلج وعبد الهادي بلخياط وعبد القادر الراشدي لملء الفراغ ونسيان البرد القارس. وفي هذا الوقت، قال الطيب لعلج لبلخياط: "العلوي عنده قطعة ديال الهبال، أنت ولد المعلم وأنا عارفك معلم، وغادي تكون معلم كبير إلا ما تخليش هاد القطعة تهرب من بين يديك". وبعد سماعه لهذه الكلمات، طلب بلخياط مني أن أغني مقطعًا منها على العود، وقال لي: "وكلت عليك الله، فهذه القطعة سكنتني".

"من الصدف العجيب أن الأغنية حفظت في بوعرفة، وبعد عودتنا إلى الرباط، بدأنا التمرين مع الجوق، وفي إحدى المرات وقع نقاش مع عبد الهادي بلخياط، فغضب وطلب من ضابط الصوت أن يجمع كل ما سجل، وسافر إلى البيضاء. كان هذا الغضب مرتبطًا برغبة عبد الهادي في أن تكون الأغنية مميزة. ولكن بعد مرور شهرين، تدخل الصحافي عبد الرحمن مجد لتقريب وجهات النظر، وجرى لقاؤنا من جديد واتفقنا على دخول الاستوديو. أتذكر جيدًا أن ذلك اليوم كان يوم جمعة. صباحاً، دخلت الاستوديو وكانت لطيفة تسجل أغنية "أنت أملي". بعد بعض التفاوض، أقنعت الجوق الملكي بالتمرين. وفي الساعة الثالثة، حضر عبد الهادي للتسجيل، ودخلنا الاستوديو. لم ينطق بلخياط بأي كلمة، فأخذ الميكروفون وقال بسم الله. ولم يتوقف. انتهينا من التسجيل في ظرف نصف ساعة، وهذا يعد إنجازًا ملحوظًا خاصةً أن مثل هذه الأعمال تحتاج إلى أربع أو خمس ساعات."

بلغة واثقة، يستعرض العلوي ذكريات أغنية "يا داك الإنسان"، ويقول: "لقد أعجبت هذه الأغنية العديد من الفنانين المرموقين، بما فيهم الملحن المصري الكبير بليغ حمدي. بل وصلت إلى درجة أنه عندما سمعها في جلسة خاصة مع بهجة اللحظة، كان بصحبتنا محمد الزياني، أول مدير للتلفزيون ومدير المركز السينمائي المغربي سابقًا، وقال: 'لا يمكن أن يبدع فيها إلا فنان مغربي'. وهذا يعود إلى تركيبتها الموسيقية ونمط العمل عليها. يجدر بالذكر أن بليغ حمدي جاء خصيصًا للاستماع إلى هذه الأغنية."

«الله الله يا داك الإنسان على زين فيك

الهمة والشان، النخوة والتيهان

حالك مواتيك، وعلي الله يهديك

يا داك الإنسان

لما شفت الزين، يا قرة العين

قلبي ضاع مني وصبح مملوك

وعندي قلب حنين، يهرب منك لين

عصفات بيه المواج وصبح مشروك

زينك تعدى وفات المدى يا داك الإنسان

سلب عقلي ضيع راحتي

خلاني ولهان...»