قصة الفنان المغربي الذي أسر قلوب المغاربة قبل رحيله وأثر فيهم بشدة بعد رحيله تعود إلى الفنان "محمد الحياني". وُلد في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي، عام 1945، في مدينة الدار البيضاء، حي دار الكارتون بطريق مديونة (الشارع المعروف حالياً بشارع محمد السادس). في نهاية الخمسينيات، انتقلت الأسرة إلى درب بوشنتوف، وهناك انتقل محمد الحياني وشقيقه مصطفى إلى حي أكدال في مدينة الرباط، حيث تربيا في رحاب أختهما الكبيرة.

وبعد ذلك، التحق محمد الحياني بالمعهد الوطني وشارك في مباراة بقسم الموسيقى بالإذاعة الوطنية في عام 1964. قضى سنوات عديدة ضمن كورال الجوق الوطني، حيث برز كمغني مغربي وأحد أعمدة الأغنية المغربية الكلاسيكية. يُعتبر محمد الحياني إلى جانب عبد الهادي بلخياط وعبد الوهاب الدكالي من أهم أعمدة الأغنية المغربية. وقد تمكنوا من التربع على عرش الأغنية المغربية خلال الفترة من بداية السبعينيات وحتى نهاية التسعينيات من القرن الماضي.

محمد الحياني، هذا العملاق الذي أضاء سماء الموسيقى المغربية ببريقه الفريد وصوته الساحر، عاش وتألق إلى جانب أسماء موسيقية كبيرة مثل عبد القادر الراشدي، أحمد البيضاوي، وعبد الحميد بنبراهيم. في قلب هذه البداية الرائعة، صرح الأستاذ علي الحداني، أحد المساهمين الأساسيين في انطلاقة الحياني وامتداداته، بأنه "لم تتكرر أية نسخة تشبه الحياني، المتميز بهدوئه وأخلاقه وانتقائه المتميز الرفيع للأغاني".

كانت بداية اللقاء الأول بين الشاعر الزجال والمغني في بداية الستينيات، حين كان الحياني عضوا في الكورال الوطني، وحين كان الحداني يبحث عن صوته الشعري. ومن هنا بدأت رحلة الإبداع والتألق، حيث تطورت العلاقة باتجاه أعمال من ألحان حسن القدميري وعبد القادر وهبي وعبد الرفيق الشنقيطي، وتتويجها بأغنية "بارد وسخون" وما بعدها.

هذه العلاقة الفنية المميزة أنتجت عدداً من الأغاني الخالدة مثل "ياك الجرح برا"، "يا سيدي أنا حر"، "أنا شفت عيونك"، و"وقتاش تغني يا قلبي". إنها أغانٍ تحمل بصمة الحياني الفريدة وتعكس تأثيره الكبير على الموسيقى المغربية.