النوتة الكاملة لسماعي راحة الأرواح للأستاذ ناصر الهواري مستوى السنة الثامنة عود

في هذا المقام الفخامة والجمال، يتميز بأصالته المتأصلة في العراق، وهو ينتمي في الأساس إلى سلالة السي ربع مقام. لكنه، ابتداءً من الدرجة الثالثة، ينزلق باتجاه الحجاز، مما يمنحه طابع التناقضات الفريد. يتلاقى رونق ربع المقام مع عراقة الحجاز، رغم أن الأصل الحجازي خالٍ من تأثير ربع المقام. 

راحة الأرواح في هذا المقام ليست حزينة، بل هي مليئة بالشجن، فالشجن ليس كالحزن، بل يحملك إلى عوالم الشرق بكل واسعها وعمقها. لذا، يظهر المقام بمظهر يشبه مقدمة الصحراء، إذا كان الحجاز هو قلب الصحراء، فروح راحة الأرواح تقف كحاجز أمام الامتداد. 

هو مقام التناجي، في نظري، يحمل بين طياته مناجاة رقيقة ومحتشمة، تعكس عمق العرب وصلابة صحاريهم التي شكّلتهم. هذه المناجاة لا تنبعث بشكل صريح كما في الناهوند، ولا تصل إلى مستوى النواح كما في الصبا، بل تكون حنينًا شفيفًا ينبع من حضور الحجاز، مع بعض الامتناع والتحفظ.

ربما يكون هذا هو السبب في اختيار الموجي لتلحين "للصبر حدود"، حيث يظهر في العنوان دلالة واضحة على الامتناع والتروي. هذا المقام يحمل في طياته جمالية الإيقاع وعمق الشعور، مما يجعله يندرج تحت فن النغم الراقي والمعبر.

المقام الشرقي الرائع الذي ينبض بالعراقة والجمال

راحة الأرواح، هذا المقام الشرقي الرائع الذي ينبض بالعراقة والجمال، يبدو كمنحوتة فنية تنبعث منها روح الشرق بكل تفاصيلها الساحرة. يعتبر راحة الأرواح من بين أكثر المقامات التي تتمتع بالشرقية الأصيلة، فهي تحمل في طياتها جاذبية خاصة لا يمكن لغير العربي الأصيل أو الشرقي الأصيل أن يدركها.

بالرغم من أنه ليس له أثر هندي، إلا أنه يتميز بحضور تركي واضح يضفي عليه لمسة خاصة. قد يتنوع أسلوب راحة الأرواح بين الجزالة الدينية كما في "حديث الروح"، وبين البوح العاطفي كما في "سيرة الحب". ولكن برأيي الشخصي، فإن قوة هذا المقام تبرز بشكل خاص في القصيدة، ولا يمكن لأي ملحن غير متمرس وقوي أن يلحنها بشكل متقن.

ومن بين المقامات، يبرز السنباطي بقوة وجاذبية، حيث يعتبر بعض العارفين بالمقامات أنه وصل بهذا المقام إلى أعلى مستوياته في راحة الأرواح. إذ يعتبرون أن السنباطي قد أظهر قدراته الاستثنائية في هذا المقام بشكل لا يضاهى. إنها لغة فنية تتحدث بروحها الخاصة، تجعل من يستمع ينغمس في عالم الشرق الساحر بكل تفاصيله الرائعة.